لماذا الولايات المتحدة لم تعد تقبل عدداً كبيراً من المهاجرين من أوروبا؟
بالرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة لا تزال تستقبل عددًا أكبر من المهاجرين بالمقارنة مع أوروبا. إذ أصبح الحصول على تأشيرة دخول إلى أوروبا أمرًا مستحيلاً بالنسبة للعرب. وفي المقابل، يتم قبول 55,000 شخص سنويًا في الولايات المتحدة عبر نظام اللوتري العشوائي. وعلى نحو مختلف في أوروبا، يتم التركيز فيها على الكفاءات والمهارات الفريدة والمميزة.
ويعتبر هذا النظام ظالمًا، حيث يجد الأشخاص أنفسهم قد انتظروا لسنوات طويلة دون أي فرصة للقبول. هذا ما تعرض له أحد أفراد عائلتي الذي انتظر لمدة 18 عامًا دون أن يتم قبوله، على الرغم من كفاءته في اللغة الإنجليزية وحياكته لمهارات ممتازة. في عصر الديمقراطية، تعتمد سياسة الهجرة في الولايات المتحدة على زيادة شعبيتها، وشهدت زيادة واضحة خلال عهد بايدن حيث ارتفع عدد اللاجئين المقبولين إلى 125,000 سنويًا.
وتستمر المشكلة أيضًا على الحدود الجنوبية بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث توقف بناء الجدار الذي كلف مليارات الدولارات وأدى إلى تدفق آلاف المهاجرين غير الشرعيين يوميًا. في المقابل، لا تواجه أوروبا تحديات بنفس هذا الحجم.
كيف كانت تجربتك في العيش في الولايات المتحدة؟
قال أحد المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية إنه عاش هناك لمدة تقارب تسعة أشهر، وأكد على انزعاجه من كل شيء في البلاد. اشتكى من ثقل الهواء وتلوثه الذي أثر على صحته الرئوية. كان يستيقظ على أصوات أجراس الكنيسة بدلاً من أذان الفجر.
وعندما وصف تجربته، قال إنه شعر وكأنه دخل فيلمًا أمريكيًا، حيث كانت طبائع الناس غريبة وكانوا طوال جدًا، بينما كان قصير القامة بالمقارنة. تعرض لنظرات حادة وتمني أن يكون لديه القدرة على الاختفاء لتجنبها. ربما يعود سبب تصوره السلبي إلى صغر سنه أو لأنهم سافروا بدون هدف دراسي أو سياحي، بل سافروا للتبرع بنخاع العظم لأخيه المصاب بسرطان الدم.
وعبّر عن استغرابه من عدم تعرضه للعنصرية من الأشخاص البيض، بل تعرض لها من أولئك الذين تعايشوا مع التمييز العنصري مثل السود والمكسيكيين. وعلق قائلاً إن ذلك جعله يشعر بالأسف لأنهم يمارسون نفس السلوك الذي ينتقدونه ويناصرونه. ذكر موقفين يعودان إلى ذاكرته، حيث دخل امرأة متجر لمستحضرات التجميل وتجنبته الجميع بسبب ارتدائها النقاب، ولكن موظفة شقراء مسلمة ساعدتها وتعاملت معها بلطف، وهذه كانت المرة الأولى التي شعر فيها بأنها تعاملت معه كإنسانة وليس “غريبة الأطوار”.
وذكر أيضًا تجربة طيبة في عيد الفطر، حيث ارتدى جميع أفراد عائلته الملابس السعودية التقليدية وزاروا شقيقهم في المشفى. لاحظ رجل مكسيكي يحمل باقة ورد، فسألهم عن سبب ارتدائهم تلك الملابس وسبب الاحتفال. قدم لهم باقة الورد وهنأهم بالعيد.
وختم تجربته بالقول إنها تجربته الشخصية فقط، وأن هناك أشخاص يرون أمريكا كجنة على الأرض، بينما يعتبرها آخرون جحيمًا لا يُطاق. وأكد على حق كل فرد في مشاركة آرائه وتجاربه الشخصية.
لماذا يعمل البعض من المغاربة كعمال وخدم في أوروبا بدلاً من العمل في الخليج؟
إذا عملت في الخليج وعشت 20 سنة، وخدمت البلد كعربي، فلا تزال غريبًا، ولا يُتاح لك فرصة للإقامة الدائمة أو الحصول على الجنسية. بالمقابل، في أوروبا، إذا عشت هناك لمدة 3 أو 4 سنوات فقط، يُمكنك التقدم للحصول على الجنسية وجواز السفر، وتصبح مواطنًا في تلك البلاد مع حقوق وواجبات. بالنسبة للشباب المغاربة العرب، فإن مهن النظافة والعمالة تُعتبر مهنًا مؤقتة، وذلك لأنه في أوروبا يُمكنك تطوير نفسك، والحصول على شهادة واحتراف مهنة معينة لتحسين وضعك.
ومع ذلك، لا يمنع هذا بعض العرب من البقاء عالقين في طريق مهنتهم في أوروبا، وفقدان هويتهم ودينهم. وبناءً على بعض التعليقات، بسبب العنصرية الموجودة في أوروبا والخليج، يجب أن نتذكر أن دول الخليج هي أهلنا ودمنا، ومهما حدث، فنحن جميعًا عرب وأخوة. أبرئ نفسي إلى الله من أن يكون هناك في إجابتي أي باب للفتنة أو الخلاف بين الأشقاء.
هل ندمت على الهجرة إلى أمريكا؟
يقول شاب آخر هاجر إلى أمريكا: “لم أندم أبداً بل على العكس ربما كانت هجرتي إلى أمريكا أفضل قرار اتخذته في حياتي”. في أمريكا، تعلمت اللغة وعملت، واكتسبت معرفة بثقافات متنوعة. تجد في أمريكا أشخاصًا من مختلف دول العالم الذين هاجروا إليها، وهذا الاختلاط أتاح لي فرصة للتعرف على الجنسيات والعادات المختلفة.
أما فيما يتعلق بالتعليم والعمل، فقد تعلمت وعملت بجد وبدون واسطة أو محسوبية، وأشكر الله على ذلك. هل الهجرة ناجحة للجميع؟ بالطبع لا، ولكن من خلال تجربتي الشخصية، أنا ممتن جدًا لنجاحي في الهجرة، وأشكر الله على ذلك.
ما الأفضل: العيش في أوروبا أم أمريكا؟ علمًا أني مُختار في قُرعة الهجرة الأمريكية العشوائية DV lottery
يقول أحد المهاجرين العرب: “لقد عشت في كلتا الجهتين، في أوروبا الغربية وجدت مجموعة من الدول الاشتراكية التي تعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية. تتوفر هناك العديد من برامج المساعدات الاجتماعية لأولئك الذين لا يمتلكون دخلاً أو لديهم دخل محدود، إذا كنت تحمل الجنسية الأوروبية أو تتمتع بالحماية.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن المساعدات قليلة ويستغرق التقديم عليها وقتًا طويلاً. يُعتبر كل شيء باستثناء التموين أكثر تكلفة في أوروبا بسبب الضرائب العالية، وهناك نقص في فرص العمل، ومن الصعب الحصول على وظيفة بدوام كامل في أوروبا. ومع ذلك، يتمتع العمل في أوروبا بفوائد أكبر فيما يتعلق بالتأمين الصحي والإجازات المدفوعة، كما أن الأجور أعلى. أما في الولايات المتحدة، يُمكنك العثور على وظيفة في غضون أيام، ولكن الأجور أقل، والإجازات المدفوعة محدودة جدًا، وتكلفة المزايا التي يقدمها أرباب العمل عالية. في أوروبا، يتطلب أن تدرس لمدة عامين لتصبح سائق تاكسي أو سباك، بينما في الولايات المتحدة، يُمكنك الحصول على الترخيص بعد اجتياز اختبار واحد بتكلفة بسيطة.
جميع اللغات صعبة في التعلم، ولكن الإنجليزية، وخاصة اللهجة الأمريكية، هي الأسهل بين لغات أوروبا الجديدة المرغوب تعلمها. وسعر الوقود في الولايات المتحدة أرخص بكثير من أوروبا، مما يمنحك حرية التنقل، ولكن الولايات المتحدة هي بلد ضخم، وكل شيء بعيد.
ربما سيفاجأ البعض عندما أقول إن تطبيق القانون أقوى بكثير في الولايات المتحدة، على الرغم من الانطباع الشائع من الأفلام والأخبار بأن الولايات المتحدة خطرة. من خلال تجربتي، تطبيق القانون ضعيف في أوروبا ويكاد يكون غير ملحوظ، فقد يكون هناك تدخل محدود من الشرطة وقد لا يتم الاستجابة إلا في حالات القتل والمخدرات. على الرغم من ارتفاع معدل الجريمة في أوروبا، إلا أنه لا يتم تسليط الضوء عليها كونها وجهة سياحية. أما في الولايات المتحدة، فإن السلطات ذات اهتمام كبير بالقضايا الجنائية. على سبيل المثال، إذا سقط طفل من دراجته في الولايات المتحدة، ستجد الشرطة والإسعاف وفرق الإطفاء يصلون في غضون دقائق! إنه أمر مبالغ فيه. الشرطة في الولايات المتحدة تتمتع بسلطة كبيرة في الشوارع، بينما في أوروبا، تكون سلطة الشرطة محدودة مثل سلطة أي موظف آخر”.
لماذا يختار الفارّون من الحروب اللجوء إلى دول أوروبا وأمريكا فقط؟
تكمن الإجابة في حقيقة أن تلك الدول تمتلك برامجاً لإعادة توطين اللاجئين، وبمعنى آخر، فهي تمتلك قوانين وأنظمة متكاملة للتعامل مع الفارّين من الحروب. تستقبل هذه الدول اللاجئين بروح إنسانية تحترم كرامتهم كبشر، حيث توفر لهم المساعدة المادية والمعنوية، وتقوم بتمكينهم ومساعدتهم في دمجهم في المجتمع الجديد وتأهيلهم لدخول سوق العمل والعيش بكرامة. بالإضافة إلى ذلك، تتيح للّاجئين في تلك الدول الحصول على جنسيتها بعد استيفاء الشروط اللازمة.
أما الدول التي تفتقر إلى برامج تأهيلية من هذا النوع، والتي تعامل اللاجئين كأعباء تثقل كاهلها، وتُجبرهم على العيش في خيامٍ لسنواتٍ وسنواتٍ، فمن الواضح أنها لن تكون وجهة مفضّلة لأي لاجئ يبحث عن الأمان والاستقرار.
أريد الهجرة إلى الدول الأوروبية، بماذا تنصحوني؟
إذا كنت ترغب في الهجرة إلى دول أوروبية، هنا بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك:
- ابحث عن الفرص المتاحة: قم بدراسة الدول الأوروبية المختلفة والفرص المتاحة فيها، بما في ذلك فرص العمل والتعليم والاستثمار والحياة العامة. يمكنك استخدام المواقع الإلكترونية والمنتديات والمصادر الموثوقة للحصول على معلومات حول الدول المختلفة وشروط الهجرة إليها.
- قانون الهجرة والإقامة: تعرف على قوانين الهجرة والإقامة للدول التي تفضل الهجرة إليها. تحقق من المتطلبات المطلوبة للحصول على تأشيرة العمل أو تأشيرة الطالب أو تأشيرة الاستثمار، وتأكد من توفر المؤهلات والمستندات الضرورية.
- تواصل مع السفارات والقنصليات: تواصل مع السفارات والقنصليات للدول الأوروبية في بلدك. احصل على معلومات حول إجراءات الهجرة والمستندات المطلوبة والشروط اللازمة. قد تحتاج إلى تقديم طلب وحضور مقابلات وإجراءات أخرى للحصول على تأشيرة الهجرة.
- تحضير الوثائق والمعلومات: قم بتجهيز كافة الوثائق والمستندات المطلوبة لعملية الهجرة، مثل جواز السفر، الشهادات الأكاديمية، وثائق العمل (إن وجدت)، والسجل الجنائي، والشهادات الطبية، وأي وثائق أخرى ضرورية.
- الاستعداد للثقافة الجديدة: كن مستعدًا لمواجهة تحديات جديدة في الثقافة واللغة ونمط الحياة في الدولة المستهدفة. حاول تعلم اللغة المحلية وفهم العادات والتقاليد المحلية، واستعد للتكيف مع المجتمع الجديد.
- التخطيط المالي: قم بالتخطيط المالي المناسب قبل الهجرة، حيث قد تحتاج إلى تكاليف المعيشة والإقامة والتعليم (إن كنت تعتزم الدراسة) وتأمين الدخل في الفترة الأولى حتى تتمكن من الاستقرار.
- استشارة خبير في الهجرة: قد تكون من الفائدة استشارة خبير في الهجرة أو محامٍ متخصص في قوانين الهجرة للحصول على مساعدة وتوجيهات إضافية في عملية الهجرة.
هام: يجب أن تتذكر أن الهجرة إلى الدول الأوروبية قد تكون صعبة وتحتاج إلى الالتزام بالشروط والمتطلبات القانونية. يجب عليك التحقق من آخر التطورات والتعليمات المتعلقة بقوانين الهجرة للدول التي تنوي الهجرة إليها، حيث قد تتغير القوانين والسياسات بمرور الوقت.
ماذا تستفيد أمريكا من الهجرة إليها كل عام؟
إذا تساءلنا ما هي المنافع التي تحققها الولايات المتحدة من الهجرة السنوية إليها؟
يُسهم المهاجرون في الاقتصاد الأمريكي بطرق عدة. فهم يعملون بنسب عالية ويشكلون أكثر من ثلث قوة العمل في بعض الصناعات. وتساهم نقلتهم الجغرافية في تمكين الاقتصادات المحلية من التكيف مع نقص القوى العاملة، وتخفيف العقبات التي قد تعرقل النمو الاقتصادي. ويساهم العمال المهاجرون في دعم السكان العاملين في سن الشيخوخة، وزيادة عدد العمال بالمقارنة مع عدد المتقاعدين، وتعزيز الصناديق التأمينية الاجتماعية والرعاية الصحية. وينجب الأطفال الذين ينتمون إلى عائلات مهاجرة بوتيرة متزايدة، وهم يُحملون فوائد مستقبلية ليس فقط لعائلاتهم، بل أيضًا للاقتصاد الأمريكي بشكل عام.
اقرأ أيضاً:
تُساهم الهجرة أيضًا في تعزيز النمو في بعض الصناعات. في صناعة الإسكان، على سبيل المثال، يعني تباطؤ معدلات النمو في السكان الأمريكيين الأصليين أن الأسر المهاجرة تشكل نسبة متزايدة من النمو الإجمالي للإسكان في الولايات المتحدة.